هناك أسماك تصوم مثل سمكة الكاردينال والبلطى حيث تضع كل منهما البيض فى كتل تحيطه بمادة مخاطية وتضعه فى فمها لتحفظه وتنقطع للحراسة وهى صائمة تماما ولا تفطر إلا بعد الفقس.
وهناك نوعا من الأسماك الرئوية بجانب الخياشيم فعندما تخف مياه المستنقعات وتصبح أرضها صلبة تتحمل المشى تحفر هذه الأسماك حفر عميقة فى الطين وتختفى عن أعين الصيادين وتتنفس من خلال تشققات قاع المستنقع الهواء الجوى بواسطة رئتها ولا تستعمل عندئذ خياشيمها. وتظل ساكنة صائمة لا تأكل ولا تتحرك إلا عندما تهطل الأمطار بعد انتهاء موسم الجفاف ويمتلئ المستنقع بالماء تخرج من جحورها وتبدأ فى التنفس بالخياشيم وتبحث عن الطعام لتقوم بأول إفطار بعد طول صيام. فمن أهداها الرئة لتتمكن من التنفس بالهواء الجوى بجانب الخياشيم، هل الطبيعة أخبرتها أنها سوف تتعرض كل عام لموسم الجفاف ومن أعطاها القدرة على الصيام والصبر عليه طوال موسم الجفاف ومن هداها إلى تلك الحيلة لتتخفى عن أعين الصيادين إنها يد الله فهى آية من آيات الله فى مخلوقات فلنتأمل ونتدبر.
صيام الأسماك الرئوية
إذا كان المشهور عن الأسماك أنها تتنفس عن طريق الخياشيم، فإن هناك أنواعًا من الأسماك التي يُطلَق عليها الأسماك الرئوية، قد زوَّدها الله برئات تتنفس عن طريقها الهواء الجوي، وهذه الأسماك تعيش في أنهار وسط أفريقيا ومستنقعاتها، وفي منطقة نهر الأمازون الجنوبية.
ومعلوم أن كلاَّ من الحرارة المرتفعة والجفاف في هذه المناطق المدارية تعمل على دخول كثير من الحيوانات في مرحلة من البيات الصيفي؛ ذلك لأنها لا تستطيع الصمود أمام هذه الظروف القاسية، فما يكاد موسم الجفاف يحل حتى تلجأ هذه الأسماك إلى القيام بصنع ملاجئ خاصة لها، وهي أشبه بالكهوف الرطبة والمبطنة من الداخل.
وبكل من هذه الكهوف توجد فتحة علوية صغيرة لدخول الهواء، ويتم صنع هذه الكهوف في وحل القاع، وعلى عمق نحو نصف متر، كما أن هذه الأسماك يحدث لها نوع من التأقلم الذاتي؛ فيفرز الجلد طبقة رقيقة متماسكة أشبه بغشاء السلوفان، وهذا الغشاء يحيط بالجسم كله ويغلفه، وذلك لحكمة وفائدة عظيمة هداها الله إليها، ألا وهي العمل على منع تسرب سوائل الجسم وجفافه خلال هذه الفترة.
وتظل هذه الأسماك صائمة عن الطعام والشراب خلال فترة الجفاف هذه، ويساعدها على اجتياز هذه المرحلة أنها تعمد إلى العمليات الحيوية اللازمة لحياتها فتخفضها إلى أدنى مستوى؛ فكمية الدهون التي قد تترسب في أجسامها خلال فترة النشاط تعتبر الرصيد النهائي الذي يمدها بمقومات الحياة أثناء هذه الفترة، فينخفض معدل التنفس نظرًا لقلة الحركة.
ومن الطريف في هذا الصدد، بل المعجز، هو أن طول فترة الصيام هذه تختلف طولاً وقصرًا باختلاف الأعوام، وباختلاف الأحوال؛ فحينما تهطل الأمطار الغزيرة مرة أخرى فإن هذه الأسماك تتسلل من مخادعها، وتنفض عن أجسامها تلك القلادة الرقيقة الشفافة التي قد تسترت بها، وتفطر على جرعات من الماء، ريثما تجد أغذيتها المفضلة فتقتات عليها.
وأما إذا استمرت أحوال الجفاف، فليس أمام هذه الأسماك إلا موصلة الصيام، بل والبقاء في تلك الكهوف المظلمة، تسبح بحمد ربها وتقدسه، وتجأر بألسنة حالها إلى الله؛ كي يمدها بمدده.
وقد أثبتت بعض الدراسات إمكانية استمرار هذه الأسماك صائمة طوال فترة جفاف استمرت أربع سنوات متتالية ومتواصلة. والمدهش في هذا الموضوع حقًّا هو أن هذه الأسماك بعد أن خرجت من بياتها الطويل الشاق قد باشرت نشاطها بحيوية كاملة مع عودة الأمطار، وتباشير وفرة المياه والغذاء.
فإذا كان الله تعالى قد قصَّ علينا في الكتاب المسطور قصة أهل الكهف الذين لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا، فهذه قصة من الكتاب المنظور تبين لنا في جلاء ووضوح أنه: (مَا تَرَى فِي خَلَقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ).
صيام أسماك السالمون
ما زلنا نعيش في رحاب عالم البحار، الذي يقدم ألوانًا وأشكالاً من صيام الأسماك، واليوم نعيش مع صيام أسماك السالمون الأحمر؛ فصيامه الفطري يعتبر آية من آيات الله تعالى، وصورة من صور التنوع البيولوجي العجيب والغريب؛ فهذه الأسماك تعيش مراحل صباها الباكرة في مياه الأنهار العذبة، ثم لا تلبث أن تهجرها متجهة إلى المياه الملحة في البحار والمحيطات.
وإذا كانت ثعابين السمك تمارس نوعين من الصيام: الصوم الأول والصوم الثاني والأخير، في عرض المحيط، وفي مياه تبلغ ملوحتها 35%، كما أنها لا تتكاثر ولا تضع بيضها إلا في هذا الماء الملح الأجاج - فإن أسماك السالمون الأحمر تمتاز بأن لها نمطًا آخر من أنماط الصيام؛ فهذه الأسماك تقضي جانبًا من حياتها في عرض البحار، يصل إلى نحو 4 – 7 سنوات، فإذا ما أصبحت على وشك النضج الجنسي، وأصبحت مهيأة للتكاثر؛ فإنها تتجمع في منطقة بشمال المحيط الأطلسي عبر سباحة شاقة تقطع خلالها 4 - 5 آلاف كيلو متر، ثم تكمل رحلتها هذه إلى حيث تصب الأنهار مياهها في البحر، فيتجه كل نوع إلى الموطن الأصلي الذي نشأ فيه وترعرع.
ومن الطريف أن هذه الأنواع تبدأ صيامها الأول والأخير بمجرد أن تترك المياه المالحة؛ لتبدأ السباحة في المياه العذبة، وتستغرق رحلتها هذه عدة أشهر، تواصل فيها التقدم والتجول عبر مياه النهر حتى تصل إلى مكان مناسب تجده صالحًا ومناسبًا وملائمًا لوضع البيض وتحضينه، وقد يكون من المفيد في تعرفها على هذا المكان إحساسها المرهف الذي اكتسبته من طول الصيام، فما أن تهتدي إلى البقعة الملائمة حتى تحط رحالها، وتبدأ في معسكر عمل تشترك الأمهات والآباء؛ حيث تحفر أماكن لوضع البيض؛ فتقوم الإناث بوضع البيض، ثم تنشر الذكور عليه حيواناتها المنوية ليتم إخصابه خارجيًّا، كما هو الحال في كثير من الأسماك العظمية.
وعقب إتمام هذه العملية تقوم الإناث بغريزتها التي أودعها الله فيها عند إتمام هذه العملية - بتغطية البيض وطمره بطبقة مناسبة من تربة قاع النهر، وتظل قابعة إلى جوار وديعتها حتى تفقس تلك الصغار وتخرج من أجداثها، وتزيح عن كواهلها هذا الثرى، وتنفض عن نفسها هذا الغبار. وعندئذ تلقي عليها الأمهات والآباء نظرات الوداع، وتدرك أنها قد أنهت مهمتها، فتودِّع الدنيا صائمة متبتِّلة لربها، في نفس الأماكن التي استقبلت هي فيها الدنيا، مخلِّفة وراءها جيلاً من الأبناء يستعد للقيام بدورة أخرى من دورات الكبد والمعاناة التي تلاقيها سائر المخلوقات، حتى إذا ما شبت تلك الصغار عن الطوق، وبلغت مبلغ الآباء دخلت في صيامها الأول والأخير، وودعت الدنيا صائمة في مسقط رأسها ومسقط رأس الآباء.
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد)
صيام سمكـــة البنجاسيوس
إذا صامت البنجاسيوس تصبح حركته عصبية في بادئ الأمر ثم تقل حركته بعد فترة من الجوع ثم تصبح بطيئة ثم تنعدم و بعدها تموت.
يتم الصيام في عدة حالات منها إخراج الأسماك من الماء عدة مرات أو سوء معاملتها أو إطعامها اللحوم النيئة أو عند تفريق الذكر عن الأنثى المستعدين للتزاوج