ما هي النفس؟

بسم الله الرحمن الرحيم


الإنسان … ذلك المخلوق الرائع الذي أبدع الخالق صنعه و حباه بالعاطفة وهي اجمل ما في الحياة ، وبالعقل ، وهو أرقى ما في الوجود البشري... ذلك الإنسان ، لماذا يشقى ؟ ولماذا تصبح حياته مأساة حزينة ، أو حتى كارثة مرّوعـة ؟ فالإنسان يصيب نفسه بالمرض العضال، و الإنسان يهرم قبل أوانه ، و الإنسان يعيش حياته خائفا من شبح الموت، و السبب في كل ذلك هو جهله بنفسه. هذا الإنسان ، كائن جميل رقيق الإحساس كأكمام الزهر ، عميق الإدراك حتى انه يستطيع أن يحتوي المجرات بفكره و الفضاء الرحب بحدقته ومعنى الألوهية بقلبه ، وهو نفس الإنسان الذي يلين له الحديد و تندك له الجبال المنيعة وتحمله الرياح العاتية برفق و أدب جمّ من قارة إلى قارة حتى أنها لتسبق به صوت الرعد الهادر و تعلو به فوق هام السحاب الشامخ ، و تتسع خطاه الخافتة حتى يطأ بها أودية القمر و أغوار المحيطات ، و هو بإيماءة هادئة من أنامله الدقيقة يستطيع أن يخترق أبعادا كانت غيبا منذ كان الإنسان ، فتراه يتأمل صورا للناس أو يصغي لأحاديث في قارات بعيدة كانت تضرب لها أكباد الإبل مسيرة عام حتى يبلغها الشاهد أو السامع ؛ وتراه يلقي نظرة عجلى من نافذة صغيرة شفافة على عالم بأسره أدق من الدقّة ، كان عماء لا يخطر على قلب بشر . هذا الإنسان … حبس النسيم في قنينة من حديد فجعله ماء سائلا وأذاب كبد المعدن الصلب فصيره دخانا غاضبا ، بل انه عتا عتوا كبيرا فاغتصب قلب رجل من بين جنبيه و غرسه في صدر رجل آخر …… وكان كل ذلك من ثمرات العقل الذي يسكن في القلب الذي يتوقد فيه الفؤاد الذي هو سويداء النفس التي هي المعجزة الكبرى في هذا الكون.

ومع كل ذلك وبعد كل ذلك عجز الإنسان أن يحيا بلا خوف و لا عذاب و أصبح يعيش رهين القلق و الألم و اليأس والمرض ، وهو في ذلك صاحب الجناية على نفسه ، فقد سكبت مآقيه دما - لا دمعا - وهو مشدوه لا تطرف عينه و هو يراقب السـدوم البعيدة البعيدة عند مشارف نهاية الزمان و المكان و لكنه أبى أن يعرف نفســـه التي بين جنبيه .

نفسه التي يحبها – أو هكذا يقول – أبى أن يعرفها ، و الإنسان إذا ما جهل نفسه فأنّى له أن يعرف ما يصلحها و ما يفسدها ، ما يسعدها و ما يشقيها؟ والنفس هي أصل وجود الإنسان في الكون، وحري بها أن تكون أول العلم عنده. ولكنه بحث عن كل شيء ولم يشأ أن يبحث عن نفسه .

شكرا لك

العفو لك اختي سوسو

شكرا وجزاكى الله كل خير

العفو لك
شكرا على المرور