تعد الأمواج أحد أكثر أشكال القوة إثارة وغرابة على الأرض، فتكوينها
وقدرتها على جرف كل ما قد يعترض طريقها، بل وتغيير ملامح العالم إلى حال لم
نعهده من قبل، يجعلها أقرب إلى ما يمكن وصفه بالتحويلات الزمنية على مسار
التاريخ.
ولا ينحصر حديثي عن الأمواج المائية التي تلقيها المحيطات غضبا على الشواطئ
فقط، بل تتخذ بعض التغييرات سواء كانت اقتصادية أو فكرية عادة شكل الأمواج
في تراكمها من مجرد نقاط صغيرة وحتى، تكوينها، تسونامي قادرا على تحطيم كل
ما قد يعترضه من قواعد، ليرسى أخرى جديدة تقود حقبة تاريخية بأسلوب مختلف.
وقد شهد عالم السيارات منذ نشأته وحتى الآن ملايين الأمواج، تارة لتغيير
فكر هندسي محدد، وتارة لتغيير مبدأ تقييمي قد نفد وقته، وأخرى لتغيير مفهوم
الجودة لدى المستهلك، وتوجيهه إلى مارد جديد ينوي التهام جميع المنافسين
ساعيا إلى القمة، فعلى الجانب الكوري لصناعة السيارات، والذي لم يظهر إلا
بحلول السبعينيات من القرن الماضي، كانت الأمور أشبه بالمهمة المستحيلة،
خاصة بانعدام الخبرة وعدم ثقة العميل، إلا أن تسونامي التطوير والإصرار
الذي تولته الشركات الكورية، ارتفع بأسهمها لتصل إلى حد المنافسة على
المقاعد الثلاثة الأولى لمُصنّعي عالم السيارات خلال الأعوام القليلة
القادمة.
النترا جديدة... تسونامي جديد
مع الانطلاقة المدوية لمجموعة هيونداي، خلال السنوات القليلة الماضية،
واعتمادها لفكر مختلف يهدف إلى الخروج عن النمطية، جاءت الأجيال الجديدة من
سيارات هيونداي كما لم يعهدها مستخدمو السيارات من قبل، فالتصميمات أصبحت
أكثر عصرية وثورية بالنسبة لباقي السيارات من نفس الفئة، كذلك التقنيات
أصبحت أكثر تطورا وأكثر جاذبية للعملاء، ليبدو بعض المتنافسين من ذوى
الأسماء العريقة أمامها كالأقزام، حتى الجودة والعملية أصبحت بلا نقاش من
أبرز ما تتميز به السيارات الكورية، مقارنة بمنافسيها من نفس الفئة.
ففي عالم السيدان المدمج، بقيت المنافسة في قالب نمطي منذ سنوات طويلة، حتى
كسر حاجز الملل انطلاقة كيا سيراتو الشقيقة الأكبر سنا لهيونداي النترا،
والتي ارتقت بمعايير تلك الفئة وزادت من حدة المنافسة فيها، لترغم جميع
السيارات في تلك الفئة على الاستعانة بكل ما تملك من نقاط قوة، لمواجهة
التسونامي الكوري.
ولم يلبث المنافسون إلا شهورا قليلة حتى واجهوا العودة الأكثر قوة مع الجيل
الجديد من النترا، وهو التسونامي الكوري الحقيقي في تلك الفئة تصميما
وأداء وجودة وروحا، لتبدأ هيونداي عهدا جديدا من الريادة في القطر العربي
في فئة تلو الأخرى.
انسيابية كالأمواج
بنكهة أمريكية واضحة، وتصميم أكثر من مجرد جذاب، يطل علينا الجيل الجديد من
هيونداي النترا، ليضع مفاهيم جديدة لتصميمات السيدان المدمج، فقد اعتمدت
السيارة على مبدأ تصميمي جديد، يتلاعب بالانسيابية والخطوط الحادة ليخرج
بتصميم يبدو مفعما بالحركة، وكأنه يتسارع حتى دون أن تتحرك السيارة.
ففي المقدمة تبدأ السيارة رسالتها التصميمية بمصابيح كبيرة الحجم رائعة
التفاصيل، تشارك خطوطها الخارجية خطوط التصميم الرئيسية، بداية من
الانحناءة المنسدلة من غطاء المحرك على الصادم الأمامي، وحتى خطوط
الجانبين، والتي تبدأ طريقها من حافة المصابيح الرئيسية، يلاحظ أيضًا
الواجهة المنخفضة للسيارة، والتي تتيح لها مظهرا رياضيا أنيقا بجانب
توضيحها لخط السقف المنخفض الذي يشير هو الآخر إلى خطوط الكوبيه الأنيقة.
ففي الجانبين ستلاحظ سريعا انحناءة السقف الرائعة، إضافة إلى المساحات
الزجاجية الكبيرة التي تسمح بمرور ضوء الشمس بنسبة كبيرة إلى داخل
المقصورة، لتخلق جوا من الرحابة، أما الخطوط الجانبية فقد بدأت رحلتها من
الأمام ومن حافة المصابيح الأمامية، ومرورا بأقواس العجلات المنتفخة، لتمر
عبر الأبواب بحدّة تجعل من تصميم السيارة بالفعل أشبه بسيارات الكوبيه ذات
الأربعة أبواب، وتستكمل الخطوط طريقها حتى الوصول إلى المصابيح الخلفية
كبيرة الحجم والتي تغطى تقريبا جانبي السيارة بالكامل، لتندمج هي الأخرى من
حوافها بالخطوط الرئيسية للتصميم، لتبدو النترا الجديدة كاملة كقطعة فنية
متناسقة، لم يسبق لأي من سيارات فئتها أن وصلت لمستواها الإبداعي.
المقصورة والتجهيزات
تتميز النترا الجديدة بمقصورة رائعة، تستكمل تفوق التصميم الخارجي، فبمجرد
فتح الأبواب ستلاحظ الاستقبال الرحب من السيارة للركاب، وستبدو عليك الدهشة
بمجرد مشاهدة التصميمات الداخلية للمقصورة، وجودة المواد المستخدمة فيها،
فعجلة القيادة الفاخرة كبيرة الحجم، ومن خلفها لوحة العدادات العصرية ذات
الإضاءة الزرقاء، ستضعك في موضع ممتع للقيادة، تدعمه أيضًا المقاعد مريحة
التصميم التي تستقبل السائق بقلب من الفوم المعالج، ليوفر أعلى معدلات
الراحة للركاب والسائق في الرحلات الطويلة.
وتتوفر في النترا العديد من التجهيزات، أبرزها النظام الصوتي الذي يعمل على
تشغيل الأقراص المدمجة، إضافة إلى إمكانية توصيل اجهزة صوت خارجية محمولة
لتعمل على 6 سماعات موزعة حول المقصورة، إضافة إلى ذلك تتوفر المرايا
الكهربائية والمقاعد الجلدية ووسائد الهواء، وكذلك العديد من التجهيزات
الاختيارية، مثل نظام الملاحة بشاشة تعمل باللمس من 7 بوصات، وكذلك نظام
أوامر صوتية يمكن من خلاله التحكم في معظم وظائف نظام الصوت والملاحة دون
الانشغال عن الطريق.
وقد وفّرت هيونداي كذلك لملاك النترا، نظام مساعدة في الاصطفاف بحسّاسات
أمامية وخلفية وكاميرا في الخلف اختياريا، وكذلك فتحة سقف ونظام تشغيل
بالزر من داخل المقصورة، وعمل مهندسو هيونداي على تحسين جودة المواد
المستخدمة في المقصورة، لتصبح من أكثر السيارات هدوءا على الإطلاق، ويرجع
ذلك أيضًا إلى قدرة السيارة على اختراق الهواء بسلاسة بفضل تصميمها.
المحركات والأداء
تتمتع النترا بخيارين من المحركات في القطر العربي، الأول محرك سعة 1.8
لتر، متوفر في السعودية بقوة 150 حصانا وعزم 196 نيوتن / المتر، وهو المحرك
البديل لمحرك اللترين القديم، المقدم في الجيل السابق من النترا، ويعتمد
المحرك الجديد على جسده المُصنّع من الألمنيوم، ونظام توقيت فتح وغلق
الصمامات المزدوج، ونظام الحقن المتغير في الوصول إلى تلك الأرقام.
أما المحرك الثاني فهو محرك سعة 1.6 لتر، يسوق في مصر بقوة 130 حصانا، وعزم
157 نيوتن / المتر، وهو الجيل الثالث من محركات جاما التي اعتادت هيونداي
أن تسوقها في الفترة الماضية، ولاقت نجاحا كبيرا لقدراتها الكبيرة، مقارنة
مع سعتها اللترية المتواضعة، ويتصل كلا المحركين بناقلي حركة، إما يدوي أو
أوتوماتيكي سداسي السرعات، وهو خيار رائع، خاصة بأداء النواقل المتطور الذي
يوازن بين الأداء واستهلاك الوقود بنجاح عبر ست سرعات مختلفة.